عقدت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء – سطات، أمس الثلاثاء 24 أكتوبر الجاري، بمقرها بالدار البيضاء، اجتماعها العادي التاسع، طبقا لمقتضيات القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ونظامه الداخلي.
وفي كلمة افتتاحية، أوضحت رئيسة اللجنة السيدة السعدية وضاح أن هذا الاجتماع يأتي في سياق ما بعد زلزال الحوز الذي ضرب بلادنا الشهر المنصرم حيث ساهمت اللجنة بكل مكوناتها في حملة التضامن من خلال تقديم مجموعة من التبرعات العينية والمالية لضحايا الزلزال، مشيدة بالمناسبة بالروح التضامنية التي أبان عليها أعضاء وعضوات اللجنة وأطرها.
واستعرضت السيدة وضاح جدول أعمال الاجتماع الذي تطرق إلى عرض حول حصيلة عمل اللجن الدائمة (الحماية، النهوض وتتبع فعلية الحقوق) بين أبريل وأكتوبر 2023، إلى جانب تقديم تقريرين موضوعاتيين حول "الأطفال في وضعية الشارع بمدينة الدار البيضاء" و"الحق في التظاهر السلمي بالجهة"، فضلا عن ندوة داخلية حول "مراجعة مدونة الأسرة وفق رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان".
وبخصوص حصيلة العمل على مستوى اللجنة الدائمة المكلفة بالنهوض بحقوق الإنسان، تم تقديم مختلف الأنشطة التي شاركت بها اللجنة خاصة المشاركة الفاعلة في تنشيط ورشات في إطار برنامج "متطوع" بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبرنامج "مصارحة" بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج خلال موسم الصيف. كما تم استعراض المراحل المقبلة للشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، حيث سيعقد في غضون هذا الأسبوع اجتماع اللجنة المشتركة من أجل تدارس الأنشطة المزمع تنظيمها خلال الثلاث أشهر القادمة.
وبخصوص الشراكة مع الجامعات، ستنظم اللجنة بشراكة مع جامعة أبو شعيب الدكالي يوم 15 نونبر المقبل درسا افتتاحيا حول موضوع "الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان" ستأطره السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتواصل اللجنة إنجاز تقارير أخرى متعلقة بخلق أندية حقوق الإنسان بالوسط الجامعي، والحماية الاجتماعية وتمدرس الفتيات في العالم القروي على أن يتم تقديمها خلال الاجتماع العادي المقبل.
وبخصوص محور تتبع فعلية حقوق الإنسان في السياسات العمومية، تواصل اللجنة إعدادها 3 تقارير جهوية حول مواضيع الحق في الماء الأمن الغذائي، والصحة بالوسط السجني والصحة العقلية، المبرمج تقديمها خلال شهري نونبر ودجنبر 2023.
وفيما يتعلق بحصيلة اللجنة بخصوص محور حماية حقوق الإنسان والوقاية من الانتهاكات، فقد عالجت اللجنة منذ بداية السنة وإلى حدود 20 أكتوبر 2023 ما مجموعه 238 شكاية وطلبا همت فئات مختلفة على رأسها فئة السجناء والسجينات والنساء والأجانب، إضافة إلى معالجة عدد من الملفات التي أثارت اهتمام الرأي العام في إطار اختصاصاتها في مجال الرصد والإحالة الذاتية ومتابعة بعض الملفات الرائجة أمام محاكم الجهة، خاصة تلك المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على الطفلات.
كما واصلت اللجنة زياراتها الميدانية لمختلف المؤسسات السجنية بالجهة والتي بلغت 10 زيارات خلال نفس الفترة، تتعلق بالأساس بمتابعة سجناء مضربين عن الطعام وبعض الشكايات ذات الصلة بالحق في الرعاية الطبية وادعاءات سوء المعاملة.
وبخصوص التقارير الموضوعية المقدمة خلال هذا الاجتماع، فقد هم الأول موضوع الحق في الاحتجاجات السلمية" والذي ارتكز بالأساس على عملية الرصد التي تقوم بها اللجنة لبعض الأشكال الاحتجاجية والتي بلغت 5 وقفات واعتصامين وثلاث مسيرات احتجاجية.
وخلص التقرير إلى أن جل الاحتجاجات تتعلق بمطالب اقتصادية واجتماعية، مشيرا إلى التحسن الملحوظ في تنظيم وتدبير وتأمين الاحتجاجات سواء من طرف المنظمين أو من طرف السلطات المكلفة بإنفاذ القانون، حيث لوحظ خلال كل الوقفات والمسيرات التي رصدتها اللجنة توفر معايير الحق في الاحتجاج السلمي، حيث لم تسجل اللجنة في الاحتجاجات المرصودة أي تجاوزات للمحتجين أو انتهاك للحق في الاحتجاج من جانب السلطات العمومية.
وقد أوصى التقرير بضرورة اعتماد مبدأ حماية كافة المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتفعيل إمكانية التصريح القبلي عبر البريد الإلكتروني تفعيلا لمبدأ الخدمات الإدارية الرقمية، وتعزيز دور المكلفين بإنفاذ القانون في حماية المتظاهرين من أية جهة تهدف الى عرقلة أو تهديد او استفزاز المتظاهرين، فضلا عن تشجيع آليات الوساطة والتفاوض من أجل معالجة الأسباب الجذرية للاحتجاجات.
وبخصوص التقرير الثاني المتعلق بالأطفال في وضعية الشارع، فقد تطرق إلى تشخيص هذه الظاهرة وتسليط الضوء على أهم أسبابها خاصة منها الاجتماعية كالتفكك الأسري والنزاعات العائلية، وفقدان أحد الوالدين، وانتشار العنف ضد الأطفال في مؤسسة الأسرة والمدرسة إلى جانب الأسباب الاقتصادية خاصة ارتفاع نسب الفقر والهشاشة.
وقد سلط التقرير الضوء على أهم التحديات المطروحة للتصدي لظاهرة الأطفال بدون مأوى والتي تتلخص في غياب رؤية موحدة بالنسبة للمؤسسات والهيئات المعنية بحماية الأطفال، غياب آلية التنسيق والتنفيذ والمتابعة والتقييم سواء بالنسبة للعمل الحكومي أو غير الحكومي وضعف الإمكانيات المادية والبشرية المخصصة لمحاربة هذه الظاهرة.
وفي سياق النقاش العمومي حول ورش إصلاح مدونة الأسرة، نظمت اللجنة في إطار اجتماعها العادي ندوة داخلية لفائدة أعضاء وأطر اللجنة حول موضوع "مراجعة مدونة الأسرة وفق رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان" من تأطير الأستاذ عبد الكريم الأعزاني عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وقد ركز النقاش حول أهم الإصلاحات المنتظرة لمدونة الأسرة والتي تستهدف أساسا رفع الحيف عن المرأة وتحقيق مبدأ المساواة داخل الأسرة وتفعيل مبدأ المصلحة الفضلى للأطفال، وذلك وفقا لأحكام الدستور والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، تم التأكيد على ضرورة تبني مقاربة واقعية تستحضر الإشكاليات الحقيقية التي تطرحها الممارسة الراهنة لمدونة الأسرة وإدخال تعديلات كفيلة بإيجاد أجوبة وحلول واقعية لكل التحديات التي تواجه الأسرة المغربية.
يذكر أن اللجان الجهوية لحقوق الإنسان تمارس، تحت إشراف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مهام واختصاصات المجلس على مستوى النفوذ الترابي بكل جهات المملكة.
إرسال تعليق